فصل: (أدب النفس):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المنهجية في قراءة كتب العلم (نسخة منقحة)



.(أدب النفس):

أما في كتب أدب النفس: فعلى طالب العلم أن يُعنى بها عناية فائقة، الآداب الشرعية لابن مفلح، منظومة الآداب مع شروحها لابن عبد القوي، هذه في غاية الأهمية لطالب العلم، المنظومة الميمية في الوصايا والآداب العلمية للشيخ حافظ حكمي أيضًا في غاية الأهمية لطالب العلم، فطالب العلم عليه أن يُعنى بهذه الكتب، ويستفيد منها من أدب النفس ما لا يجد في غيرها من الكتب، والطريقة لقراءة هذه الكتب على ما ذكرنا، المقطع الذي يحتاج إلى حفظه يُعلِّم عليه بعلامة ما يُراد حفظه، والمقطع الذي يُراد فهمه وإعادة النظر فيه كذلك، والذي يُراد نقله كذلك، إلى آخر ما ذكرنا، والكتب كثيرة لا يمكن أن تنتهي، والعلم ودَرْبُهُ طويل لا يمكن أن يُقطع بمرحلة أو مراحل، فعلى طالب العلم أن يوطِّن نفسه على هذا، وحينئذٍ إذا صاحب ذلك الإخلاص، والكد، فإن طالب العلم حينئذٍ يُوَفَق ويُسَدَّد.
والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

.الأسئلة:

س: هذا يقول: حفظت الأربعين والعمدة مع الشروح حتى وصلت باب الحج في البلوغ، وحفظت القرآن، وبعدها دخلت عالم الأسهم ولي الآن قرابة سبعة أشهر لم أفتح كتابًا، ولا أستطيع إلا قراءة سورة الكهف يوم الجمعة، ما نصيحتك؟
ج: إذا عرفت الهدف الذي من أجله خُلِقْتَ أجبت عن نفسك، أجبت عن سؤالك، أنت خلقت لتحقيق العبودية ومادام لديك أهلية لطلب العلم، فكيف تفرِّط بعد أن حفظت ما حفظت ثم بعد ذلك ألا يحز في نفسك أن تفقد أغلى ما تملك؟
يعني: لو أن الإنسان لديه خمسة من الأولاد مع الوالدين وفجأة فقدهم، بلحظة، هل يُعَوِّض هذا جميع ما يمكن أن يُملك من أمور الدنيا؟ لا، فكيف بمن حفظ كتاب الله جل وعلا، ثم يفرِّط فيه بسبب هذه الأسهم، أو غيرها من التجارات؟
الإنسان، الإنس والجن ما خُلِقُوا إلا لتحقيق العبودية لله جل وعلا، تحقيق العبودية لا يتم إلا إذا كان على بصيرة، والبصيرة لا تكون إلا بطلب العلم، فإذا فرَّط هذا من أجل حُطَام الدنيا فلا شك أن هذا خذلان، نسأل الله السلامة والعافية، فعليك أن تعود وأن تراجع ما حفظت، وتلزم الدروس وتسمع التسجيل والأشرطة على هذه الكتب، وتزاحم الشيوخ وتلازمهم، ولا تنس نصيبك من الدنيا كما قال الله جل وعلا، أي لا ينبغي أن يعيش طالب العلم عالة يتكفف الناس، لا ينسى نصيبه من الدنيا، عليه أن يسدد ويقارب لكن لا يترك العلم.
س: يقول: أنا أقرأ القرآن بترتيل لكن ما أدري كيف أتدبر القرآن، ما الطريقة على تدبر القرآن؟
ج: تدبر القرآن يعينك عليه فَهْمُهُ، فإذا فهمت القرآن بالطريقة التي شرحناها، واستمعت إلى قراءة قارئ مؤثر فلا شك أنك سوف تتدبر القرآن إذا قرأت بنفسك، يعني: تسمع القرآن من قارئ مؤثر، وتنظر في التفاسير على الطريقة التي ذكرناها لا شك أنك يورثك هذا التدبر.
س: يقول: هل أختار فن من الفنون وأبدأ به أم أشملها جميعًا؟
ج: يعني هل في آن واحد في وقت واحد ينوِّع ويتفنن ويقرأ في أكثر من علم أو يقتصر على علم واحد؟
نقول: الناس يتفاوتون في هذا؛ منهم: المالون، الذي يمل بسرعة فإذا مسك وبدأ بكتاب واحد يمل، مثل هذا ينوِّع، يقرأ في الفنون، يجعل له جدول مثل جدول المدرسة، بعد صلاة الصبح لكذا، بعد طلوع الشمس لكذا، إذا كان لديه عمل إلى صلاة الظهر، بعد صلاة الظهر مباشرة كذا، ثم يرتاح بعد صلاة العصر فن أو فنين إذا طال الوقت، بعد صلاة المغرب كذا، فيضع جدول.
أما إذا كان من غير هذا النوع، عنده صبر وجلد، وتحمل لكتب واحد، مثل هذا لو اقتصر على فن أو فنين أفضل حتى يتمه ثم ينتقل إلى الآخر، ثم ينتقل إلى الفن الآخر.
س: هذا يسأل يقول: قول من يقول: (إن الغرابة تراعى في الوصف، والتفرد في الفعل) فيقال: تفرد به فلان، ولا يقال: أغرب به، ويقال: حديث غريب دون حديث فرد، ما صحة هذه العبارة؟
ج: نعم، ويندر أن يقال من قبل أهل الحديث: أغرب به فلان، وإنما يُقال: تفرد به فلان، وحديث غريب أكثر من قول حديث فرد، وإن جاء إطلاق الجمع (الأفراد)، جاء أيضًا إطلاق الجمع (الغرائب)، وهما متقاربان في المعنى، وأكثر ما يطلقون الفرد على الغرابة المطلقة التي تكون في أصل السند، وأما بالنسبة للغرابة حينما تكون في أثناء السند (النسبية)، وإلا فالأصل أن المعاني واحدة.
منهم من يقول: إنه إذا أُطلق الفعل مثلما ذكر السائل، جاءوا بالتفرد، وإذا وصف الحديث جاءوا بالغرابة مثل ما ذكر السائل، وهذا كثير في كلامهم، ما يقال: أغرب به، وإنما يقال: تفرد به، والسبب في ذلك: قرب المعنى في اللفظين.
س: هذا يقول: قررت حفظ ألفية العراقي، وألفية ابن مالك، ومنهاج البيضاوي في أصول الفقه، منهاج الطالبين للنووي في الفقه، وذلك بالتدرج، ولكن أخبرني بعض الأخوة أن صرف الوقت في حفظ الحديث مثل البلوغ ورياض الصالحين يكون أفضل، وأنا في حيرة فما الأفضل عليَّ في أني أحفظ المتون الصغيرة مثل الآجرومية والورقات والنخبة والطحاوية؟
ج: على كل حال هذه الكتب من أهم المهمات عند أهل العلم وهي للطبقة العليا أعني ألفية العراقي وألفية ابن مالك ومنهاج البيضاوي، ومنهاج الطالبين للنووي، يعني منهاج الطالبين يعادل الزاد، ومنهاج البيضاوي يعادل مختصر التحرير، والألفية سواء كانت ألفية ابن مالك أو العراقي الطبقة العليا، بعد أن توجد الأرضية في تجاوز كتب المرحلة الطبقة الأولى والثانية، فلابد من المرور، ولا يلزم إذا كانت الحافظة ضعيفة وخشي أن يمضي به العمر والوقت ويكون هذا على حساب الأصول، نقول: سدد وقارب؛ احفظ من ألفية العراقي ما يُخْتَار لك حفظه لا سيما الثلث الأول، واحفظ من ألفية ابن مالك ما يُحْتَاج إليه؛ لأن هذه العلوم الوسائل لا ينبغي أن تكون على حساب المقاصد؛ لأن بعض الناس يستهويه علم النحو، فيحفظ (الآجرومية) ويقرأ شروحها ويأخذ عليها وقت طويل، ثم بعد هذا (القطر) بجميع شروحه، ثم (شذور الذهب) ثم (ملحة الإعراب) بشروحها، ثم (الألفية)، ثم (المفصَّل) بشروحه ينقضي الأمر، والنحو كما يقول أهل العلم: كالمْلِح، إنما يحُتاج منه ما يفيد الطالب، وكثير من طلاب العلم لا سيما في النحو قد يقول إنه: قرأ في كتب النحو، وحضر الدروس، لكنه إن قرأ في كتاب لَحَن، ضبط القواعد وحفظها وفهم، لكن إن قرأ في كتاب لحن، وإن ألقى كلمة لحَن، فهل نقول: إنه استفاد من علم النحو مع هذه المعاناة، أو نقول: إن جهده ذهب سدى؟
نقول: استفاد، لماذا؟
لأن علم النحو يفيد فائدتين:
الأولى: تعديل اللسان، وهذا يحتاجه المعلم والخطيب، والذي يقرأ على الشيوخ بأمس الحاجة إليه، لكن إذا لم يستفد هذا هل يُحرم فهم المعاني المتغيرة بتغير الإعراب؟
افترض أنه ينصب الفاعل، ويرفع المفعول، لكن إذا أعرب يعني هل يُتَصَور منه أنه يخطئ في الإعراب بعد معرفة هذه الأمور، يعني وهو يقرأ يسبق لسانه للخطأ، لكن إذا تأمل وقرأ: ضرب زيد عمرًا، ونطقها: ضرب زيدًا عمرٌو، وهو يريد العكس، سبق لسانه إلى الخطأ، نقول: أخطأ لا شك.
والفائدة الثانية: وهي تقويم اللسان ما استفاد هذا الرجل؛ لأن هذه بالمران تأتي، المران المصاحب للتعلم، وقد تجد طالب علم أقل في التحصيل من آخر، تجد هذا إذا قرأ يشنف السامعين ويطربهم، ولا يَلْحَن، والذي أعلى منه وأرفع وأعرف منه بهذا العلم لا يقيم جملة، يخطئ ويمل السامعون من قراءته، هذا ما تعوَّد، لكن الفائدة الثانية وهي فهم الكلام الذي يختلف معناه باختلاف إعرابه لن يُحرم من عرف النحو؛ لأنه يقرأ يقول: ضرب زيدٌ عمرًا، لكن إذا أراد أن يُعرب لا يخطئ، وفهم الكلام مترتب على إعرابه، وخير ما يعين على التطبيق في هذا الفن، خير ما يعين إعراب القرآن، إذا انتهيت من الآجرومية انتهيت من الآجرومية طبقتها بشروحها، أعرب الفاتحة كاملة، إعرابًا مفصلًا، ثم بعد ذلك اعرض إعرابك على كتب إعراب القرآن، فإن طابق فأنت مستفيد مائة بالمائة، إن لم يطابق فبقدر ما يختل من المطابقة يكون الخلل في تحصيلك لهذا العلم، ومما يمتاز به شرح الأزهرية إعراب قصار السور، فهذا مهم؛ لأن هذا الإعراب مع كونك تستفيد منه في العربية تستفيد منه في فهم القرآن؛ لأن بعض الكلمات، كلمات القرآن لا يفهم معناها إلا إذا عُرِفَ موقعها من الإعراب.
س: يقول: قررتم إن ما حُفظ سريعًا يُنسى سريعًا، وفي الإجازة هناك دورات لحفظ القرآن والسنة فما رأيكم؟
ج: هذه الدورات لا شك أنها مفيدة، ونافعة لطالب العلم، وهل معنى ذلك أنك إذا انتهيت في شهرين من هذا الكم الهائل من الأحاديث أنك تكون ضبطت هذه الأحاديث وأتقنتها.
أولًا: الناس يتفاوتون، منهم من يضبط في هذه المدة، ومنهم من يضبط بنسبة ثمانين في المائة، ومنهم من يضبط بنسبة ستين بالمائة، ومنهم من يضبط بنسبة تسعين في المائة وبعد شهر ينسى.
على كل حال هذه توطئة، لابد من أن يعاود سقي هذا الزرع، معنى إنك حفظت مختصر الصحيحين، مختصر البخاري، وزوائد مسلم إنك خلاص تطبق الكتابين، لا!! هذا بذر، فكيف أول مرة وظهرت سنابله خضر، لكن يحتاج إلى الزيادة في السقي؛ تعاهده بالسقي لتكون الثمرة ناضجةً، لأننا سمعنا من بعض من ينتسب إلى العلم من ينتقض هذه الدورات، ولا شك أن هذا صد عن التحصيل، فهذه الدورات في غاية الأهمية، والحمد لله أن الوسائل تنوعت، ويمكن ضبط السنة وحفظ السنة، متون السنة بهذه الطريقة وأسانيد الأحاديث والتَفَقُه وفهم السنة على طريقة السلف بالطريقة التي شرحناها مرارًا.
والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.